الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي: فيلم "مثلث الحزن" لروبن اوستلند: في كشف قبح عالم المال ومهارة الإخراج

نشر في  24 ماي 2022  (16:26)

 بقلم الناقد السينمائي طاهر الشيخاوي- مراسلنا من مهرجان كان

من الافلام التي يمكن التوقف عندها في المسابقة الرسمية للدورة 75 لمهرجان كان السينمائي، شريط "مثلث الحزن" لروبن اوستلند (Ruben Östlund) المخرج السويدي المتحصل على السعفة الذهبية سنة 2017. الانتقاد هنا لا يقل لذًعا تجاه عالم المال. زوجان شابان جميلان، عارضا أزياء، يشاركان عددا من الشخصيات الثرية في رحلة بحرية. كل شيء يجري وفق ما تم الترتيب له. بالمناسبة يستعرض الراوي التصرفات البرجوازية، يمرّ من شخصية إلى أخرى مضخما علامات البذخ في فضح كاريكاتوري لتأثير المال على الطبيعة البشرية.

ثم فجأة ينقلب المناخ وتندلع زوبعة رعدية عنيفة فيختل سيرُ الأحداث ويضطرب نظام الرحلة اضطرابا متزايدا يتضاعف مع تضاعف الزوبعة. يأخذ الشريط منحى كوميديا لاذعا يزيد في بشاعة المشهد، يتفاقم بؤس قوم الأثرياء لما يستمعون بفعل مضخم للصوت افتتح على وجه الخطء نقاشا سياسيا هزليا بين شخصيتين أخذ السكر منهما مأخذه، يتبادلان الحديث عن السياسة بذكر مقولات ماركسية خارجة عن سياقها في تهكم واضح. يتقيأ المسافرون الواحد تلو الآخركل ما تناولوه من أكل وشرب، كل على شاكلته في سنفونية مقززة.

C’est alors qu’un vomissement généralisé inonde littéralement le bateau

الواضح أن هدف المخرج الذهابُ إلى الأقصى في كشف قبح عالم المال من خلال انتزاع ضحك المشاهدين مستعملا، وهنا تكمن أهمية الموضوع ويتضح بعده الأخلاقي، أساليب سينمائية في غاية من النجاعة. لا جدال في مهارة الإخراج واستعمال كل ما توفّره اللغة السينمائية من مونطاج وإدارة الممثلين واستغلال للموسيقى وللألوان وحوارات تحيل على العديد من الأحداث التاريخية.

تهتز قاعة العرض المليئة بالصحافيين ومتابعي الشأن السينمائي ضحكا. الحصّة لا تخلو من ترفيه. يصعب انكار المستوى العالي للكتابة السينمائية. ولكن المسألة أخلاقية بالدرجة الأولى خاصّة إذا لم يغب عن اذهاننا أن السينمائي يتمتع تقريبا بنفس الحظوظ التي تتمتع بها شخصياته... حالة سينمائية تتكرر في عالم الفرجة السينمائية يصعب أحيانا قراءتها قراءة جيدة. أما أن تكون العملية واعية أو غير واعية فذلك لا يغيّر شيئا...